2018/08/15

النمو اللغوي وتطوره في مراحل الطفولة المبكرة

النمو اللغوي وتطوره في مراحل الطفولة المبكرة 
 يتمكن الطفل ، بعد الولادة ، من التأثير في وسطه الاجتماعي ومن التواصل مع الآخرين عن طريق اللغه ولكي نتوصل إلى نمو قدرات الطفل على التواصل مع الآخرين ، منذ الولادة ، وحتى اكتساب اللغة ، واللغة هي وسيلة أساسية من وسائل الاتصال الاجتماعي، وخاصة في التعبير عن الذات وفهم الآخرين ووسيلة مهمة من وسائل النمو العقلي والمعرفي والانفعالي.
و سوف أقوم  بتتبع مراحل النمو اللغوي عند الطفل وأبين في كل مرحلة من هذه المراحل وسائل التواصل وكيف يتمكن الطفل من التأثير في الآخرين وأهمية كل مرحلة من هذه المراحل في النمو اللغوي .
 1. مرحلة ما قبل اللغة عند الطفل:
مرحلة الصراخ:
تبدأ هذه المرحلة مع صرخة الطفل ، أي عندما يولد الطفل وتتبع هذه الصرخة صرخات متبوعة ممثلة بالبكاء ، الذي يؤدي وظيفة لغوية للاتصال والتواصل بأبسط صورها وقد يخرج الطفل في هذه المرحلة أربعة أنواع من الأصوات هي :
1.    أصوات وجدانية غير إرادية: للتعبير عن الفرح والشبع أو عند الألم الجسمي أو الجوع.
2.    أصوات وجدانية إرادية: الصراخ المتعمد ابتغاء مطلب ما.
3.أصوات إثارة سمعية: وهي أصوات فطرية غير إرادية غير تقليدية تصدر من الطفل في شهوره الأولى حينما يسمع بعض الأصوات.
4.أصوات تمرينات نطقية: في الشهر الخامس يبدأ الطفل يميل فطريا إلى اللعب بالأصوات وتمرين أعضاء نطقه، ويقتضي وقتا طويلا في إخراجها، وقد عرف هذا النوع بالتمرينات النطقية أو اللعب اللفظي.
ومما يلاحظ أن ثرثرة الطفل ومناغاته ، واللعب قد يزداد في الشهر السادس من عمر الطفل ، وقد تعرف بمرحلة الزقزقة حيث يكون عنده القدرة على إدراك اللغة اللفظية  ، ويشعر بلذة التمرين على الأصوات وإصدارها ، لأنه ينتبه بالأصوات المحيطة به ، ويكون عنده القدرة على الاستمتاع بصوته ويسمع ذاته .
مرحلة المناغاة
 هذه المرحلة امتداد للمرحلة الأولى التي تبدأ عادة من الأسبوع الثالث حتى السنة الأولى من عمر الطفل ويحاول الطفل إخراج أصوات إيقاعية نتيجة نموه العضلي للفم ، وان أصوات الراحة هي أصوات تعبيرية تتحول لاحقا إلى مناغاة ، أي أنها أصوات تخرج لمجرد السرور والارتياح، والاستجابات لابتسامات  ودغدغات الم ومداعبتها فترة الرضاعة .
- مناغاة ما هي إلا أصوات عشوائية، وتمرينات نطقية، أو لعب لفظي لتساعده على تمرين أعضاء النطق، فالمناغاة تتكون من من أصوات لينة ( حروف مد )، ثم تكثر فيها بعد ذلك الأصوات ذات المقاطع ( الحروف الساكنة )، وتخرج على شكل مقاطع صوتية.
- تتبع مرحلة المناغاة العشوائية ، مرحلة تجريبية يقوم الطفل فيها بادراك تنوع الأصوات ،ومصادرها وكيفية إخراجها ، والربط بينها وبين طرق إخراجها ، ثم سماعها ، وتحريك أجهزته النطقية بأشكال مختلفة ، وذلك في نهاية الشهر الخامس من عمره .
- في هذه المرحلة يستجيب الطفل بانشراح بلغة أمه وحديثها، ومحاوراتها، وابتساماتها، ويتفاعل معها نفسيا واجتماعيا مستخدما إصدار أصوات ومناغاة تحبها أمه، وقد يكررها، بخاصة بعد استمتاعه لسماع صوته أو إدراكه الأصوات والمناغاة التي يصدرها.
مرحلة الثغثغة
في هذه المرحلة يحاول الطفل تحويل المناغاة إلى " تلفظات " وأصوات وكلمات ثم القيام بتقليد الأصوات ، وبخاصة في بداية الشهر التاسع من العمر ، وان كان هذا التقليد غير منظم ومحكم في البداية إلا انه يكون مفهوما ، وذلك بالتكرار والممارسة وان هذه الممارسة في النطق قد تحدث تغييرا وتطورا في لغة الطفل ، أو تقترب تدريجيا إلى لغة الكبار ، بحيث تستعمل بعض الكلمات المألوفة بوضوح تام مثل : داد ... ماما .... بابا . ، وان الطفل لاكتسب الألفاظ الجديدة في هذه المرحلة عن طريق اللعب اللفظي ، وإنما نتيجة عوامل النمو والنضج الطارئة على أجهزته النطقية .
- ونتيجة الدراسات التي قام بها العلماء استنتج إن عملية الثغثغة تمر بثلاث مراحل وهي :
1. مرحلة التقليد المبدئي الساذج :
 وذلك بين الشهرين الثالث والرابع من عمر الطفل، حيث تكون فيها استجابة الطفل لنطق الآخرين بإصدار أصوات لا معنى لها.
2. مرحلة توقف الاستجابات الصوتية بيت الشهرين الخامس والسادس :
 وفي هذه المرحلة يحدث نقص وتوقف الاستجابات الصوتية عن  المرحلة السابقة وذلك نتيجة ملاحظات الطفل وكثرة استخدامات هذه الأصوات .
3.    مرحلة التقليد المركز ذلك في الشهر التاسع :
 حيث يكون التقليد مقصورا ، وتغلب عليه صفة التركيز ، إلا إن استجابات الطفل تكون بعيدة عما يسمعه سواء في التنغيم ، أو في الصورة الصوتية ، وان هذه المرحلة بحد ذاتها خطوة نحو تعلم الطفل اللغة ، إذ في هذه المرحلة يبدأ الطفل في تمرين جهازه الصوتي والسمعي على سماع الأصوات ، وعلى النطق بها ، ولذلك فقد اعتبرت هذه المرحلة الخطوة الأولى نحو تعلم لغة الأمهات والآباء .
مرحلة التقليد
تعد مرحلة التقليد من أهم المراحل في بناء أساس تعلم اللغة للطفل، حيث إنها تحول المناغاة ( اللعب بالأصوات ) إلى كلمات ذات معنى وتناسق صوتي، ومرحلة تعد الطفل إلى تعلم الأم من محيطه، وذلك بتقليد بعض الكلمات وتكرارها. الطفل الذي تكون رغبته في التواصل مع الآخرين قوية يزداد لديه الدافع لتعلم اللغة بقدر أكبر مما يحدث لدى الطفل الذي لا تتوفر لديه رغبة في التواصل.
ولقد أظهرت بعض الدراسات التي أجريت حول تطور لغة الطفل خلال هذه المرحلة ، إن التقليد وتكرار بعض الكلمات في البداية غير محكم وغير دقيق ، إلا أنها تشعر الطفل بالزهو في انه يتكلم كما يتكلم البالغون ، وكذلك أوضحت بأن نطق الطفل خلال هذه الفترة المبكرة من التقليد كثيرا ما يكون غير مفهوم إلا في نطاق ضيق من المحيطين به .
مرحلة الإيماءات
هي مرحلة تسبق مرحلة النطق بالكلمات ، أي مرحلة الكلام الحقيقي ، وتظهر مرحلة الإيماءات بوضوح قبيل بلوغ الطفل عامه الأول ، حيث يحاول الالتجاء إلى الإيماءات بالرضا أو بالرفض ، فمثلا يحاول الطفل الرضيع تحويل فمه عن ثدي أمه أو زجاجة الرضاعة تعبيرا أو إيماء عن شعوره بالشبع ، وكذلك ابتسامته ومد ذراعيه نحو أمه أو احد البالغين القريب منه ، هي إيماءات للتعبير عن رغبة الطفل في إن تحمله الأم ... وارساله الصراخ وضرب يديه ، أو رجليه أثناء الاستحمام إيماءات على رفضه الاستحمام .
  2. مرحلة النطق والتكلم:
بعد اجتياز الطفل مرحلة الثغثغة يحاول نطق بعض الكلمات مثل ( بابا..ماما ... داد) وذلك في العام الأول ، ويبدأ الأطفال في هذه المرحلة بتنظيم كلامهم بشكل تعبيري كأداة اتصال بالبالغين ، وفي هذه المرحلة يكون كلام الطفل مفهوما من قبل الوالدين ، وتختفي عنده الألفاظ الغير مفهومة بعد إن يتلقى التعزيز والتدعيم من قبل الوالدين عند نطق كلمات جديدة ، إلا انه يظل في استعمال لغة وعبارات ركيكة وضعيفة ، قد يصعب فهمها إلا من خلال إشاراته ، وفي بداية السنة الثانية يحاول الطفل إن يكتشف بنفسه إن كل شيء ممكن قوله .
إن كثرة استخدام الكلام ونطق الأسماء والكلمات يجعل الطفل يتخلص تدريجيا من مرحلة التمتمة وتقوى عنده القدرة على التعبير والإدراك والوعي، واتخاذ اللغة وسيلة تعبيرية من احل التعامل مع البالغين.
وعندما يصل الطفل إلى نهاية السنة الثالثة يكون قادرا على استخدام بعض الضمائر مثل ( أنا... لي .. هذا لي ) وان الطفل في مرحلة نموه اللغوي وقدرته على الكلام يكون متكلما بلغة خاصة به وذلك بالتوافق مع نموه اللغوي ، وتأثره بالمحيط اللغوي الذي يخلقه الوالدان في الأسرة والمربية في الحضانة وفي بداية قدرته على التكلم يبدأ بالتدريج إلى استخدام تنظيم لغوي خاص ، وعلى الرغم من محدودية الحصيلة اللغوية فان الطفل يحاول إنتاج جمل جديدة بتنظيم لغوي بسيط مثل : أنا اشرب ... أنا العب ... أنا أدق الجرس .
إن اكتساب الطفل اللغة في هذه المرحلة لايتم عن طريق التعليم فقط ، وإنما يكتسبها عن طريق سمعه ، وبتفاعل داخلي في دماغه يتم إخراجها للتعبير عن حاجته ، ولذلك فلا يتعلم اللغة إلا في المجال اللغوي الدائر في محيطه.
 3. مرحلة الاستقرار اللغوي عند الطفل
تبدأ هذه المرحلة عندما يصل الطفل إلى عمر ست سنوات أو سبع سنوات حيث يأخذ الطفل كفايته من التقليد والمحاكاة، وفي هذه المرحلة يستقر الطفل لغويا وتتأسس بينته اللغوية حيث يبدأ الطفل بالكلام.
وفي هذه المرحلة يكون قد أسس لغته، بحيث تكون مطابقة للغة مجتمعه وقومه، ويتأثر الطفل بالنظم والتقاليد التي يسير عليها مجتمعه وخاصة أسرته.
وفي هذه المرحلة يكون التواصل من خلال تفاعله مع المجتمع وبخاصته مجتمع المدرسة من خلال اللعب كوسيلة من وسائل التواصل .
4. مرحلة الطفل وتعابيره وتطوره اللغوي
إن نمو مفردات يكون بطيئا في المرحلة الأولى من حياته ثم يبدأ بالتدرج في سرعة تكوين لغته ، وان الطفل بين سن الرابعة والخامسة من العمر يكون مزود بذخيرة لغوية ضخمة تمكنه من التواصل والتعبير عن حاجاته بجمل قصيرة .
وهناك مراحل الجمل لدى الطفل في السنوات الست الأولى وهي:
1.    مرحلة الكلمة القائمة :
تبدأ هذه المرحلة من السنة الأولى إلى السنة الثانية ، مثال : إن يقول الطفل ( ماما) وهذا يعني تعالي إلي ياماما .
ولكي نفهم ما يري الطفل قوله في هذه المرحلة ، يجب الانتباه إلى طريقة الطفل في لفظ الكلمة . ومعظم هذه الكلمات التي يستخدمها الطفل هي عبارة عن أسماء، مثل ( سيارة، قطه، حليب..... ) كما يستخدم صفات وكلمات اجتماعية ، مثل : شكرا ... وستخدم أيضا كلمات بصيغة الأمر.
2.    مرحلة الجملة المؤلفة من كلمتين ( البرقي ) :
تبدأ هذه المرحلة من السنة الثانية إلى الرابعة ، وتكون الجملة في هذه المرحلة عبارة عن جمل ناقصه مؤلفة من كلمتين اثنتين ، موضوعة بعضها بجانب بعض من غير إن ينتج عنها جملة تامة ، وفي هذه المرحلة  يتشكل لدى الطفل تقدما واضحا في قدرته التعبيرية ولكنها لا تشكل مرحلة جديدة في تفكيره .
3.    مرحلة الجملة التامة :
تبدأ هذه المرحلة من العام الرابع من عمر الطفل، حيث يحاول التخلص من الجمل البسيطة الناقصة، والانتقال إلى استخدام الجمل التامة المعقدة.
وفي هذه المرحلة يكون الطفل مالكا تنظيما لغويتا خاصا به ، ويحاول إن يستعمل المعطيات اللغوية المحدودة ، وينتج جملا جديدة عبر تنظيم لغوي بسيط ، والطفل في هذه المرحلة يبني لغته بصورة إبداعية وبالتوافق مع قدراته الداخلية ، فالطفل يكتسب طبيعة لغة البيئة التي يترعرع فيها .
و أول كلمات تبدو عند معظم الأطفال هي أسماء الذوات ، وتظهر بعدها الأفعال ، ثم الصفات ، ثم الضمائر ، ولا تظهر الحروف وما يشابهها من الظروف ، ويسير الطفل في ارتقائه اللغوي وفقا لارتقاء فهمه ، ونموه الفكري فهو يدرك الكلمات الدالة على أمور حين يمكن إن يشاراليها .