2023/12/14

التواصل الصفي كعلاج للبطء التعلمي أ د علي تعوينات

 التواصل الصفي كعلاج للبطء التعلمي

                                                                أ د علي تعوينات

مفهوم التواصل :

لقد أثبتت الدراسات أن 85 % من النجاح في تحقيق الأهداف يُعزى إلى مھارات التواصل و 15 % منه فقط تعزى إلى إتقان مھارات العمل. ولكي نتواصل مع الآخرين ببراعة لابد لنا من إتقان أساسيات التواصل، والقيام ببناء المكون الرئيسي للتواصل الفعال، وھو كسب المصداقية والثقة لدى الآخرين
* مفهوم التواصل في التربية:
التواصل من الناحية التربوية: عملية تحدث في الموقف التعليمي التعلمي بين جميع الأطراف لتنظيم التعلم. ويمكن القول إن التواصل ھو عملية تعلم وأن التعلم ھو عملية تواصل .
* التواصل أيضا " نقل معلومات من مرسل إلى متلق بواسطة قناة ، بحيث يستلزم ذلك النقل ، من جھة، وجود شفرة ، ومن جھة ثانية تحقيق عمليتين اثنتين: ترميز المعلومات وفك الترميز، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار طبيعة التفاعلات التي تحدث أثناء عملية التواصل، وكذا أشكال الاستجابة للرسالة والسياق الذي يحدث فيه التواصل
- المكون الأول لعملية التواصل يشمل مجموعة عناصر ھي: المرسل والمستقبل والرسالة والقناة والشفرة والمرجع.
- والمكون الثاني ھو أن عملية التواصل تحدث من خلال اتصال فردين يشتركان في سجل معرفي وقيمي
- . أما المكون الثالث فھو اختلاف المقاربات التي تعالج موضوع التواصل ونماذجه .
في ضوء ما سبق يمكن تعريف عملية التواصل بأنھا عملية: " تفاعل بين فرد أو
مجموعة من الأفراد وبين فرد آخر أو مجموعة أخرى من الأفراد بھدف المشاركة في خبرة يترتب عليھا تعديل في سلوك ھؤلاء الأفراد.
وللتواصل ثلاث وظائف بارزة:
-1 التبادل
-2 التبليغ
-3 التأثير
من خلال ھذه التعاريف يمكن استنتاج أھم مميزات عملية التواصل وھي:
1. أن التواصل يمكن أن يتم بعدة طرق، مشافھة أو كتابيا أو سلوكيا أو حاسيا أو برموز غير لغوية وتحمل معان معينة.
2. أن التواصل له مستقبل ومرسل وھدف، ويتمثل المقصد في التأثير على المستقبل.
3. تتضمن عملية التواصل محتوى يؤدي إلى التأثير والتأثر وبالتالي التفاھم بين كل من
المرسل والمستقبل، وينتج عن ذلك زيادة في التقارب بينھما أو زيادة حصول الفائدة.
4. أن للتواصل بعدا أو أبعادا نفعية قد تكون قريبة أو متوسطة أو بعيدة المدى على المرسل وقد تكون أيضا على المستقبل.
وتعتبر عملية التعليم والتعلم (التدريس ) عملية تواصل تعليمي بين المعلم وطلابه
باستخدام الألفاظ والرسوم والصور والمجسمات والأجھزة والتجارب وغيرھا من الوسائل التعليمية المناسبة.
ويھدف التواصل التعليمي إلى تعديل سلوك المتعلم
محددات التواصل:
أثناء الحديث عن التواصل لابد من استحضار بعض العناصر الأساسية في عملية التبادل وھذه العناصر ھي:
-1 زمنية التواصل
-2 المكانية أو المحلية
-3 لغة التواصل التشفير والتفكيك
-4 السياق
-5 رھانات التواصل
-6 التواصل اللفظي اللغة المنطوقة) والتواصل غير اللفظي (اللغة الجسدية
-7 إرادية التواصل بث الإرسالية قد تكون إرادية أو غير إرادية
. -8 الفيدباك أو التغذية الراجعة، وذلك لتصحيح التواصل وتقويته وتدعيمه وإنھائه.
9. الوضعية التي يكون عليها المستقبل: انفعالات وتجارب واتجاھات وذاكرت وتوقعات،
بعض العوامل المؤثرة في التواصل
:
نوع الانفعالات، الإطار المرجعي ، والسياق ، والمستوى التعليمي ، والنمط الثقافي الذي يكون عليه كل من المرسل والمستقبل ، والأداة المستعملة في نقل الرسالة ، والدوافع مع الحوافز...
مراحل التواصل:
استلام المثيرات والمعلومات: يقوم الفرد باستقبال وبتحليل المعلومات التي يتلقاھا ثم يترجمھا حسب مخزونه المعرفي الذي يمتلكه سابقا ويختزن القسم الذي يراد اختزانه، ويتجاھل ما لا يناسبه أو ما لا يفھمه.
اختزان المثيرات والاحتفاظ بھا: يقوم المستلم بتخزين المعلومات في الذاكرة .
عناصر التواصل البيداغوجي:
أ. المتعلم: المتعلم ھو أحد الأركان الرئيسية في فعل التواصل البيداغوجي ، وھو يقوم بثلاثة وظائف أساسية ھي:
1. الوظيفة الانفعالية أو التأثيرية: والتي تعني تأثره بمحتوى الخطاب التعليمي مما يؤدي به إلى تغيير في تفكيره وسلوكه بما فيه اللفظي وغير اللفظي.
2. فك الرموز: وتتطلب ھذه الوظيفة معرفة المتعلم بعناصر اللغة المستعملة من قيل
المعلم وإشراكه الخلفية المرجعية للخطاب.
3. ردود الفعل: لا يقتصر دور المتعلم في عملية التواصل على مجرد التلقي ، بل إنه قادر على القيام بردود أفعال مختلفة ظاھرة كانت أو خفية ، لفظية أو غير لفظية ، إيجابية أو سلبية، وكلھا تعبر عن مدى رفضه أو قبوله للخطاب التعليمي الذي تلقاه من المعلم
ب. المعلم: وللمعلم ثلاث وظائف في فعل التواصل البيداغوجي ھي :
1. الخلفية المرجعية : وھي مجموعة المعارف التي يبلّغھا للمتعلم ، إضافة إلى القيم والقدرات والمھارات التي يعمل على تنميتھا لديه. وتتحدد ھذه العملية بجملة من العناصر أھمھا: إلمام المعلم بالمعرفة في مجال التخصص ، والقدرة على معرفة حاجات المتعلمين وقدراتھم كي يساعدھم على استغلالھا بشكل أفضل في حل المشكلات اليومية.
2. مواقف المعلم تجاه الآخرين: ويتحدد ذلك من خلال نظرة المعلم لذاته وللصورة التي يحملھا عن المتعلمين مع نوعية العلاقة التواصلية بينھما.
3. وضعية الإرسال: وھي أھم الوظائف التواصلية، بحيث تمثل الأثر الذي يريد المعلم إحداثه في المتعلمين، من خلال الأھداف التعليمية المسطرة، بالإضافة إلى معرفة المعلم بخصائص المتعلمين وطرائق التدريس كل ما يتعلق بفعل التعليم والتدريس.
ج. الرسالة التعليمية: وھي وسيلة تحقيق الھدف من أي فعل تواصلي وتتحدد من خلال:
1. الشفرة: ھنا ينتقي المعلم في الموقف التعليمي ما يناسب من المفردات والألفاظ والجمل والتراكيب التي تتناسب ونوع الرسالة وكذا كم المعارف التي تحملھا ھذه الرسالة.
2. الشكل: لكي يضمن المعلم وصول الرسالة المحتوى التعليمي) ، يجب أن تكون خالية من التعقيد أو الغموض)
3. المحتوى: ويقصد به مضمون الخطاب التعليمي ويتحدد ببعدين: أحدھما مؤسساتي، وھو القانون المنظم للعلاقات داخل القسم ، وبُعد ذاتي يتدخل فيه جزء من شخصية المعلم ، فھو يتعامل مع جماعة القسم من خلال أسلوبه الشخصي بعيد عن القوالب الرسمية للتواصل.
التفاعل الصفي:
المقصود بالتفاعل التربوي أو الصفي ھو حدوث اقتناع وتجاوب نفسي بين طرفي العملية التعليمية/التعلمية، أي استجابة الطرف الثاني المعرفية والسلوكية للطرف الأول وللتأثر به.
ويمثل التفاعل التربوي عنصراً مھماً في العملية التعليمية/التعلمية، حيث يعكس العمق والحيوية التي تكتسبھا المعلومات والخبرات المنقولة للمتعلم.
يتأثر التفاعل الصفي بالبيئة الصفية وعدد التلاميذ واتساع الصف والإمكانات ويعتمد
تفاعل المعلم والتلاميذ على عدة عوامل أھمھا:
أ. أحكام المعلمين وتقديرھم للمتعلمين. وھناك أربعة اتجاھات في ھذا الجانب:
- اتجاه التعلق بتلميذ ما .
- اتجاه الاھتمام بتلميذ ما .
- اتجاه اللامبالاة بتلميذ ما .
- اتجاه النبذ.
. أھمية التفاعل الصفي:
يعتمد نجاح العملية التعليمية التعلمية بدرجة كبيرة على طبيعة التفاعل بين المعلم وطلابه ، وبين الطلاب والمعلم ، وبين الطلاب أنفسھم أيضا، ففي بعض الأحيان يحدث ھذا التفاعل بطريقة طبيعية وفي أحيان أخرى لابد من إجراء التعديلات لتوفيره.
المھمات المتعلقة بتنظيم عملية التفاعل الصفي:
تمثل عملية التعليم عملية تواصل وتفاعل دائم ومتبادل ومثمر بين المعلم وتلاميذه أنفسھم
ويعتبر التفاعل داخل الصف من أھم العوامل التي تؤدي إلى زيادة فاعلية العملية
التعليمية، وعموما ھناك ثلاثة أنواع من التفاعل يمكن أن تحدث داخل الفصل:
- تفاعل بين المعلم والتلاميذ،
- تفاعل بين المعلم وتلميذ،
- تفاعل بين تلميذ وتلميذ .
ويحدث النوع الأول من التفاعل: خلال الأنشطة التعليمية المتمركزة حول المعلم، كما
يحدث عندما يحاضر المعلم ، أو يقدم عرضاً توضيحياً للفصل ككل.
والنوع الثاني، يحدث عندما يوجه المعلم انتباھه إلى تلميذ معين لكي يجعله يندمج في المناقشة أو يجيب عن سؤال محدد وھنا لا يكون النشاط التعليمي متمركزاً حول المعلم، وإنما يكون متوجھاً بواسطة المعلم .
أما النوع الثالث، وھنا تكون الأنشطة التعليمية متمركزة حول التلاميذ، ودور المعلم يقتصر على التوجيه فقط، فعلى سبيل المثال قد يثير أحد التلاميذ مشكلة أو سؤالاً، وبدلاً من أن يجيب المعلم على ھذا السؤال، فإنه يقوم بتوجيھه إلى تلميذ آخر لكي يجيب عنه. والمعلم الكفء لا يقتصر على نوع واحد من ھذه الأنواع الثلاثة ، بحيث يكون نمطاً سائداً في تدريسه، وإنما يحاول أن يستخدمھا في الدرس الواحد ، وفق ما يتطلبه الموقف .
المبطئ في تعلمه ھنا ھو ذلك المتعلم العادي والذي لا يعاني من أية إعاقة جسمية أو تخلف عقلي أو اضطراب نفسي، ومع ذلك لا يتمكن من الاستفادة من التعليم الذي يقدم له من قبل المدرس – في مادة واحدة أو أكثر – ويظھر ھذا التأخر في أنواع الإجابات التي يقدمها لأسئلة الاختبارات الفصلية أو في أي اختبار شفھي كان أو كتابي، وفي الدرجات المنخفضة التي يحصل عليھا؛ وحتى إن نجح مرة أو أكثر فلا يكون واعيا بنوع الإجابة التي قدمھا إن كانت ھي صحيحة أم خاطئة، مما يؤكد عدم وعيه بمدى صحة ما يكون قد يتعلمه.
ومن خصائص ھؤلاء المتعلمين:
- العجز عن إدراك بعض المجردات العميقة دون توضيح بوسائل تشخيصية أو بتكرار
الشروح لعدة مرات،
- يتطلب تعلمھم وقتا أطول مما يتطلبه أغلب زملاءهم في الصف مما يجعل انتباھھم إلى ما
يعرض عليھم يحتاج إلى وقت أطول،
- العجز عن الاحتفاظ بالمعارف المجردة لمدة طويلة إذا لم تتكرر مراجعتها،
- صعوبة إدراك الخطوات المنهجية التي يسلكها المدرس في عرضه لمضمون الدرس مما
- يصعب عليھم الإلمام بهذا المضمون في نهاية الحصة،
- وتيرة التعلم لديهم بطيئة مقارنة بالمتعلم العادي لكون فترات عرض عناصر الدرس
قصيرة بالنسبة إليهم،
التردد الذي يعاني منه المبطئ في تعلمه بسبب قلة الثقة في نفسه مما يؤدي به إلى صعوبة اللحاق بزملائه.
فالمشكلة لبست فيه وإنما ھي خارجة عنه، ومع ذلك يصبح ضحية لأهم مشكلة تربوية دون أن يدرك السبب، وتنجر عن ھذه المشكلة نتائج نفسية واجتماعية وخيمة قد يجرھا طوال حياته.
ورغم براءته من ذلك، ومع ذلك تلصق به تهم الكسل واللامبالاة وغياب المسؤولية وكراهية الدراسة... ولا يجد من يدافع عنه، كما أن متھميه لم يفكروا يوما في إمكانية كونهم سببا مباشرا لهذه المشكلة، حتى يراجعوا أنفسهم ومعاييرهم وطقوسهم النمطية ويكيفوها لكي تساعد المتعلم على الاندماج الفعلي في الحياة المدرسية ويشعر بالاستقرار النفسي والاجتماعي فيھا لكي تحفزه على الدراسة الفعلية.
إن مشكلة البطء التعلمي لم تعد تلك المشكلة القديمة، ذات الأسباب الواضحة فقط، وإنما هناك بطء رغم غموض الأسباب أو بطء رغم النجاح في الامتحانات المدرسية؛ لذلك ينبغي الانتباه إلى ھذه المشكلة وطرحھا بشكل معمق من أجل العمل على وقاية المتعلم منھا قدر الإمكان، والبحث عن العلاج المناسب لھا عند أولئك الذين يعانون منھا ..
بعض الأسباب الداخلية:
1. الانتباه: قد يكون بطيئ التعلم يعاني من عدم القدرة على مسايرة المعلم في سرده للمعلومات وفي شرحه لها بسبب الوتيرة السريعة التي يستخدمها، وعدم تكراره لما يسرد، مع استعمال مفردات لغوية قد تكون غامضة على بعض المتعلمين.
2. استقبال المعرفة: بعد عملية الانتباه كعملية ذهنية ومعرفية التي يحدث فيها تلقي ما يقدمه المعلم من معرفة – دون الفهم والاستيعاب بالضرورة – تأتي عملية الاستقبال التي يجري فيها تحليل هذه المعرفة – إذا فُهمت – لكي تُجزأ إلى أجزائها من اجل معرفة وظيفة كل جزء في الكل، وهذا ما يسمى "معالجة المعلومات" بالمفهوم المعرفي (علم النفس المعرفي).
3. الإدراك: هو عملية ذهنية معرفية ويقصد منها: انتقاء وتنظيم وتفسير المعطيات الحواسية (البصر والسمع واللمس ...) في شكل تصورات ذهنية قابلة للاستعمال في الحياة.
هذه العمليات الثلاث هي التي تختلف من فرد إلى آخر من حيث: الدقة والسرعة والتكامل بين الأجزاء والقدرة على ترتيب المعطيات الجزئية من أجل وضعها في كل متكامل للتمكن من بلورتها وتنظيمها مع المعارف السابقة وبعد ذلك تخزينها في الذاكرة طويلة المدى.