2013/10/20

التقويم المستمر في التعليم الابتدائي


 «إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحا ، و إذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة ، و إذا أردت أن تزرع لمائة سنة فازرع إنسانا» (مثل صيني)

- هل  التقويم هي الاختبارات التي  تأتي في نهاية الفصل الدراسي لاتخاذ قرار بالانتقال أو  إعادة السنة؟

أم أنه أوسع مساحة و أكثر فائدة لما له من أهمية لنجاح كل عمل ، و خاصة في مجال التربية و التعليم ، أين يمثل ضابطا رئيسيا و أساسيا في تصحيح المسيرة التربوية و توجيهها نحو أفضل السبل التي توصل إلى تحقيق الكفاءات المستهدفة في أقل جهد و أقصر تكلفة و أقصر وقت ، و عليه كان لزاما  الارتقاء من مجرد وضع العلامات و ترتيب المتعلمين إلى الالتزام بالتقويم المستمر .  
 
تعريف التقويـم المستمــر : التقويم المستمر تقويم مواكب لعملية التعليم - التعلم ، و مستمر باستمرارها ، يهدف إلى تعديل المسار من خلال التغذية الراجعـة بناء على ما تم اكتشافه من نواحـي عجـز أو تأخـر لدى المتعلم ، فهو يصاحب تطبيق منهاج ما ، و يجـرى عقب الانتهاء من تدريس مفهوم معين ، أو مهارة معينة ، و يكـون في صـورة اختبارات قصيرة شفهية أو كتابية أو فروض منزلية ، فهو أسلوب من الأساليب الحديثة في التقويم القائم على تحقيق أهداف مرسومة ؛ وليس المقارنة مع المتعلمين  الآخرين وهذا ما يحقق العدالة بينهم لمراعاته الفروق الفردية بين المتعلمين ليصلوا إلى مستوى إتقان المهارة ولا شك أنه داعم كبير للتعلم النشط ،كونه  عملية مستمرة تفاعلية بين المتعلم والمعلم وصولاً بكل من  الإدارة  وأولياء الأمور فهو ملازم لعملية التدريس , وهو عملية شاملة, هام جداً للتفوق على المستوى والمخرج والمنتج لمعرفة الواقع ونواحي قوته وضعفه لإيجاد عناصر الدعم والعلاج .


محـوريـة المـعلم في التقويـم المستمــر : للمعلم دور محوري و أساسي في التقويم المستمر لدوره في دمج هذا الأخير في العملية التدريسية  ، فهو المصمم للاختبارات القصيرة باستمرار للكشف عن مدى الإتقان، و هو الذي يصنف أفواج الحاجـة للقيام بالعلاج البيداغوجي ، كما أنه  المسؤول عن تعديل تمشياته البيداغوجية وفق النواتج.     و حتى يتحقق الإصلاح المأمول ، يكون التخطيط للتقويم كالتخطيط للتدريس و تكون شمولية التقويم      و صدق و توثيق النواتج و ربطها بالعلاج البيداغوجي  من  المعايير الإستراتيجية للنجاح.

أهـمـية  التـقويـم المستمــر للمـتعلمين  :  التقويم المستمر منبثق من النظرية البنائية التي على ضوئها تم بناء المناهج الحديثة ، فهو  بتنوع أدواته و استمراريته – طوال العاموالأنشطة العلاجية أو الإثرائية المصاحبة له، يعد هو التقويم المناسب للمناهج ، التي تدعو لاعتماد  الطرائق التربوية النشيطة القائمة  على محورية المتعلمين، فالتقويم المستمر يزودهم بالتغذية الراجعة التي تفيدهم في توضيح مدى التقدم الذي أحرزوه أولا بأول أو النقص فيه ، مما يساعدهم على انتقال أثر التعلم من المعرفة إلى الفهم و التفسير و القدرة على التفكير، كما يتيح التقويم المستمر للمتعلمين تحديد جوانب العجز للعمل على علاجها ، مما ينمي مهارة التقويم الذاتي و يقوي الدافعية للتعلم و المشاركة ، و ذلك نتيجة لمعرفتهم لنتائجهم و أخطائهم و كيفية تصحيحها ، مما يقلل الخوف و القلق لديهم أثناء من الامتحانات.
أهـمـية  التـقويـم المستمــر للمـعلمين  :  يزود التقويم المستمر المعلم بتغذية راجعة منظمة و مستمرة لتساعده على معرفة مواطن الخلل في أسلوبه ، كما يحفــزه على التخطيط للتدريس و تحديد أهداف تعلمية واضحة على شكل نتاجات يحققها المتعلمون ، و يساعـد على إعادة النظـر في إستراتيجيات التدريس و اختيـار الوسـائل التعلمية الأكثـر فاعليـة للتعلــم و إعـدادهـا حسب حاجة المتعلمين.

أهـمـية  التـقويـم المستمــر لأولـيـاء المتعلمـيـن  :  للتقويم المستمر أهمية خـاصـة للأولياء ، حيث يتم عن طريقـه إعـطـائهم صـورة أدق و أكثـر واقعية على مستوى أبنائهم ، مما يدفعهم إلى المزيـد من المشـاركـة و المتابعـة الفاعـلـة ، كما أن للتقويم المستمـر  دور في توضيـح الطـرق التي يستطيعـون بواسطتها مساعدة أبنائهم .

أهـمـية  التـقويـم المستمــر للإدارة المدرسية  :  للتقويم المستمر أهمية بالغـة في تحقيق مشروع المؤسسة و تعديل جوانبه خدمـة للمتعلمين ، كما يساعـد على التعرف على فاعلية المناهج المدرسية و التحقق من جوانب القوة و الضعف فيها ، و منه توضيحا لاحقا للمعلمين مما يساعـد على تحسين طرائق تدريسهم ، و وضع برنامج الدعـم و  العـلاج ، كما أن التقويم المستمر يفيد في قياس مدى واقعية و وضوح الأهـداف التعلمـية  لتعديـل المناهـج    و الكتب المدرسية .
               
عبد الحميد بوكردوس مفتش التعليم الابتدائي